تحسن مؤشرات القطاع غير البترولى فى السعودية والإمارات لم يأبه القطاع المالى والمصرفى فى دول الخليج بما شهدته المنطقة من اضطرابات سياسية واقتصادية بدءاً من ظهور الجماعات الجهادية، وحتى انهيار أسعار البترول، إذ استمرت الشركات فى إبرام صفقات الاندماج والاستحواذ والطروحات الأولية. وأتمّت شركة «إعمار»، أكبر شركة عقارية فى الشرق الأوسط، نهاية سبتمبر الماضي، صفقة بيع جزء من أعمالها التجارية فى قطاع التجزئة، وحصلت على 43 مليار دولار من طلبات الطرح العام الأولى الذى بلغت قيمته 1.6 مليار دولار. كما قال محمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة «إعمار» العقارية، إن الشركة تخطط لطرح أولى مماثل لوحدة الفنادق. وفى الوقت الذى بدأ فيه تداول أسهم «إعمار مولز» فى بورصة دبي، قال العبار، إن الشركة قد تدرج أيضاً أسهم «إعمار مصر» العام المقبل، نظراً لعودة الثقة إلى الاقتصاد المصري. وأعلنت شركة «إرنست آند يونج» الاستشارية أن مستوى الطروحات الأولية فى المنطقة ارتفع فى النصف الأول من عام 2014 بنسبة %14، مقابل الفترة ذاتها العام الماضي، لتبلغ قيمتها 2.4 مليار دولار، وهو أعلى مستوى لها منذ النصف الأول من عام 2008. وبحسب صحيفة الفاينانشيال تايمز، فإن عودة نشاط أسواق المال جاءت تعويضاً عن انخفاض استثمارات القطاع المصرفى. وأوضحت شركة «زاوية» مزودة البيانات، أن قيمة 172 صفقة اندماج واستحواذ فى الخليج بلغت 17 ملايين دولار العام الحالي، وهو ما يعد أقل من قيمة الـ330 صفقة التى بلغت 42 مليار دولار خلال الفترة ذاتها قبل اندلاع الأزمة عام 2008. ويتوقع العملاء دائماً أن تخصص البنوك العالمية عمليات الإقراض لتمويل الديون وصفقات الاندماج، ما يحد من ربحيتها جراء انخفاض أسعار الفائدة. ويقول مصرفى بارز فى أحد البنوك الاستثمارية فى دبي، إن الطروحات الأولية هى المكان الوحيد الذى تستطيع جنى الأرباح منه، حيث تتضمن هوامش ربح جيدة ورسوماً على الأعمال التجارية. وتأتى تلك النظرة التفاؤلية للأسواق المالية رغم ظهور الجماعات السنية الجهادية الناجمة عن الحرب الأهلية فى سوريا لتهدد الاقتصادت الكبرى فى دول الخليج الغنية بالبترول. وقال محلل أسهم بنوك الشرق الأوسط لدى «جى بى مورجان»، ناريش بيلانداني، إن الأحداث الجيوسياسية كان لها تأثير ضئيل على القطاع المصرفى الإقليمى والمحلى نظراً لأن البنوك تتعرض تعرضاً محدوداً لمناطق مثل سوريا والعراق. ويعود نمو القطاع الخاص فى أنحاء الشرق الأوسط بالنفع على الشركات وقطاعات التجزئة المصرفية، ولاسيما فى السعودية والإمارات العربية المتحدة، رغم أن هذا النمو لم يصل إلى المستويات اللازمة لتوفير فرص عمل مستدامة للشباب. وأكد تقرير بحثى صدر عن بنك «كريدى أجريكول» للخدمات المصرفية الخاصة، أن الإمارات والسعودية تواصلان نموهما الاقتصادى المستدام، وأفاد التقرير بأن مؤشر نشاط القطاع غير النفطى لشهر أغسطس سجل مستوى قياسياً فى الامارات العربية المتحدة، حيث عكست الصفقات الجديدة نمواً قوياً وفرص عمل مستدامة، وفى السعودية، سجل المؤشر ذاته أعلى مستوى له منذ يوليو 2011. وأضاف التقرير أنه حتى فى مصر هناك بوادر انتعاش اقتصادي، رغم أن فرص العمل بها لم تلحق بعد بركب نموها الاقتصادي، وتعد بنوك الخليج أيضاً فى طريقها للتعافى بعد الأزمات المالية العالمية والمحلية التى واجهتها، وذلك بفضل دعم حكوماتها وقوة موازنتها العمومية وهوامشها الوقائية، فضلاً عن ذلك فإن صلابة رسملة البنوك الإقليمية جنباً إلى جنب الدعم السيادى من الحكومات الغنية بالبترول جعلا السيولة متوفرة فى مناطق مثل دول الخليج. وتتطلع بنوك الخليج إلى الخارج بحثاً عن النمو، خاصة أنها أقل قلقاً حيال حماية نفسها من المخاطر. وقال بيلاندانى لدى «جى بى مورجان»، إن البنوك المحلية تسعى لتكون أكثر عالمية، وتنظر إلى ما وراء الحدود داخل الأسواق الناشئة الأخرى مثل آسيا وأفريقيا سعياً لتحقيق أرباح أعلى. وتتوسع بنوك، مثل بنك أبوظبى الوطنى وبنك الخليج الأول، فى آسيا، وأبرم بنكا قطر الوطنى والإمارات دبى الوطنى صفقات استحواذ فى شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء. وقال بيلاندانى، إن مصر تقدم أفضل فرص للنمو داخل محيط القطاع المصرفى الإقليمى، وعلى أعتاب دخول دورة جديدة من النمو الائتمانى بعد ثلاث سنوات تقريباً من انعدام النمو. المصدر: investing.com نقل بواسطة: www.tijaraweb.com